حديث قدسى فى " الصبر على البلاء"
******************************
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
( يقول الله تعالى : ما لعبدي المؤمن عندي جزاءٌ إذا قبضت صفيه من أهل
الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة ) رواه البخاري .
وعن أنس رضي الله عنه قال : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول :
( إن الله قال : إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر عوضته منهما الجنة ) رواه
البخاري وفي رواية للترمذي ( فصبر واحتسب ) .
وعن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
( يقول الله سبحانه : ابن آدم إن صبرت واحتسبت عند الصدمة الأولى لم أرض لك
ثوابا دون الجنة ) رواه ابن ماجة حسنه الألباني . معاني المفردات -- قبضت
صفيه :---- أي أمتُّ حبيبه وصديقه المصافي من ولد أو والد أو زوجة أو صديق
أو نحو ذلك .
r=green]]حبيبتيه : --------عينيه وسماهما حبيبتين لأنهما أحب الأعضاء إلى الإنسان .
فصبر واحتسب : ----------أي صبر مستحضراً ما وعد الله به الصابرين من الأجر
والثواب .
طبيعة الحياة الدنيا ---------
اقتضت حكمة الله أن تكون حياة البشر على ظهر هذه الأرض مزيجًا من السعادة
والشقاء ، والفرح والترح ، واللذائذ والآلام ، فيستحيل أن ترى فيها لذة غير
مشوبة بألم ، أو صحة لا يكدرها سقم ، أو سرور لا ينغصه حزن ، أو راحة لا
يخالطها تعب ، أو اجتماع لا يعقبه فراق ، كل هذا ينافي طبيعة الحياة الدنيا
، ودور الإنسان فيها ، والذي بيَّنه ربنا جل وعلا بقوله :{إنا خلقنا الإنسان
من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا }(الإنسان 2) .
ضرورة الصبر :ـ
ولهذا فإن خير ما تواجه به تقلبات الحياة ومصائب الدنيا ، الصبر على
الشدائد والمصائب ، الصبر الذي يمتنع معه العبد من فعل ما لا يحسن وما لا
يليق ، وحقيقته حبس النفس عن الجزع ، واللسان عن التشكي ، والجوارح عن
لطم الخدود ونحوها ، وهو من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ، وقد ذُكر في
القرآن في نحو تسعين موضعاً - كما قال الإمام أحمد - وما ذاك إلا لضرورته
وحاجة العبد إليه .
أنواع الصبر :ـ
والصبر أنواع ثلاثة صبر على الأوامر والطاعات حتى يؤديها ، ----------------
---------- وصبر عن المناهي والمخالفات حتى لا يقع فيها ، -----------------
--------- و صبر على الأقضية والأقدار حتى لا يتسخطها ،
وهذه الأحاديث
القدسية في النوع الثالث من أنواع الصبر وهو الصبر على أقدار الله المؤلمة .
عند الصدمة الأولى
والصبر النافع الذي يترتب عليه الثواب والأجر ويؤتي ثماره وآثاره في نفس
العبد - كما جاء مصرحاً به في الأحاديث - هو ما كان في أول وقوع البلاء ،
بأن يفوض المؤمن أمره ويسلمه إلى أحكم الحاكمين وأرحم الراحمين ، ويستسلم
لأمره وقضائه ، فإن للمصيبة روعة تهز القلب ، وتذهب باللُّب ، فإذا صبر
العبد عند الصدمة الأولى انكسرت حِدَّتها ، وضعفت قوتها ، وهان عليه بعد ذلك
استدامة الصبر واستمراره ، وقد مر النبي - صلى الله عليه وسلم - بامرأة
تبكي عند قبر ، فقال لها : ( اتقي الله واصبري ، قالت : إليك عني فإنك لم تصب
بمصيبتي ، ولم تعرفه ، فقيل لها : إنه النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فأتت
باب النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم تجد عنده بوابين ، فقالت : لم أعرفك ،
فقال : إنما الصبر عند الصدمة الأولى ) رواه البخاري ، قال بعض الحكماء : "
العاقل يصنع في أول يوم من أيام المصيبة ما يفعله الجاهل بعد أيام " .
وأما إذا تضجر وتبرم في أول الأمر ، ثم لما يئس صبر لأنه لم يجد خياراً غيره ،
فإنه يكون بذلك قد حرم نفسه من أجر الصبر وثوابه ، وأتى بما يشترك فيه جميع
الناس ، فلا فائدة من الصبر حينئذ .صبر واحتساب
ولو تأملنا في الأحاديث السابقة لوجدنا التركيز على قضية مهمة وهي قضية
الاحتساب في الصبر ، وذلك لأن يقين الإنسان بحسن الجزاء ، وعظم الأجر عند الله ،
يخفف مرارة المصيبة على النفس ، ويهون وقعها على القلب ، وكلما قوي اليقين
ضعف الإحساس بألم المصيبة ، حتى تتحول لدى النفس من المكاره إلى المحابِّ وكان
نبينا - صلى الله عليه وسلم - يسأل الله اليقين الذي تهون معه المصائب ، فقلما
كان يقوم من مجلس إلا ويدعو بهؤلاء الدعوات : ( اللهم اقسم لنا من خشيتك ما
تحول به بيننا وبين معاصيك ، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك ، ومن اليقين ما
تهون به علينا مصائب الدنيا ) رواه الترمذي وقد بينت هذه الأحاديث عظيم
الجزاء للصابرين المحتسبين ، وأن الصبر من أعظم أسباب الفوز بجنة الله ورضوانه
.
الهم اجعلنا من الصابرين المحتسين عندك امييين
[/size]